استطاعت الوصول إلى منصب لم تصله امرأة قبلها، اعتادت على ترك بصمة وتحقيق نجاحات مذهلة في كل مجال عملت به، وأخيرًا تم تصنيفها كأقوى نساء العالم، كما تم اختيارها كواحدة من أكثر الشخصيات المحبوبة في العالم لعام 2016، إنها أنجيلا ميركل أول مستشارة لألمانيا…
أنجيلا هورست كاسنر
هى أنجيلا هورست كاسنر ولدت في السابع عشر من يوليو عام 1954، في مدينة همبورغ بشمال ألمانيا، انتقلت أسرتها إلى ألمانيا الشرقية، تحديدًا مدينة تمبلن في ولاية براندنبورغ، حيث كان يعمل القسيس اللوثري في كنيسة تابعة للمدينة.
حياة انجيلا ميركل لم تسر على ما يرام في بداياتها، فقد نشأت في أسرة متديّنة للغاية، تحثها على التفوّق في كافة جوانب الحياة، وبفضل والدتها كانت أنجيلا من المتفوقين في مدرستها، كما كان لديها ولع وشغف خاص بمادتي اللغة الروسية والرياضيات، وكان حلم أنجيلا أن تعمل مدرسة، لكن الحلم تلاشى واختفى بسبب وضع ألمانيا الشرقية الشيوعي، حيث كانت الحياة في ألمانيا الشرقية – والتي تعد دولة ملحدة بالنسبة لألمانيا الغربية – صعبة للغاية على أسرة كأسرة أنجيلا، فسبق وأن تم منع والدتها من الاستمرار في العمل كمدرسة – للغتين اللاتينية والإنجليزية – بسبب أن زوجها قسيسًا، وكثيرًا ما كانوا زملاء أنجيلا في المدرسة ينصحونها بأن تخفي مهنة والدها الحقيقة، وأن تخبر من يسألها بأنه يعمل مدرس أو عامل أو شيء آخر غير قسيس، حتى لا يتم نبذها أو طردها من أي مكان.
التحقت أنجيلا بجامعة لايبزغ في عام 1973 لتتخصص بدراسة الفيزياء، وبجانب دراستها كانت تعمل كنادلة في إحدى الحانات لتغطي مصاريف الدراسة والسكن، حيث اعتادت أنجيلا على تحمل المسؤولية منذ الصغر، وهو ما أوصلها إلى ما هى عليه الآن، وخلال دراستها بالجامعة تعرفت أنجيلا على زميلها أولريش ميركل، الذي أصبح فيما بعد زوجها الأول، تزوجا عام 1977 لكن يبدو بأن الحياة لم تمض بالشكل الذي توقعاها، فأعلنا انفصالهما عام 1981، وبالرغم من الطلاق إلا إنها لازالت تعرف باسم عائلته حتى الآن.
بعد التخرج أتمت أنجيلا رسالة الدكتوراة في فيزياء الكم عام 1986، وانتقلت بعدها للعيش في برلين، حيث كانت تعمل ميركل بالمركز الرئيسي للكيمياء الفيزيائية في أكاديمية العلوم حتى عام 1990، وبعدها بأعوام التقت أنجيلا بيواخيم زاور زوجها الحالي، والذي يعمل أستاذ كيمياء في جامعة هومبولدت في برلين بألمانيا.
من الفيزياء إلى السياسة إلى فتاة كول!
كان لانهيار جدار برلين تأثير مباشر في جذب أنجيلا للحياة السياسية، حيث بدأت في الانضمام للأحزاب والدعوة للحرية السياسية، وكان حزب نهضة الديمقراطية أول الأحزاب الرسمية التي انضمت لها أنجيلا، لتصبح بعدها متحدثة باسم الحكومة المنتخبة تحت رئاسة لوثار دي مايزيير، وبعدها بفترة تحديدًا قبل إعلان وحدة ألمانيا بوقت قليل انضمت أنجيلا لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لكن يمكننا القول أن بزوغ نجم أنجيلا بدأ من اللحظة التي تم إعلان فيها وحدة ألمانيا، حيث بدأت مسيرتها السياسية برعاية واهتمام من المستشار هلموت كول، والذي كان يلقبها بـ “فتاتي الصغيرة” ومن هنا عرفت أنجيلا بلقب “فتاة كول”.
كان هلموت كول بمثابة الأب الروحي لأنجيلا، فمنه تلقت الدعم والرعاية والتشجيع الدائم، وبالرغم من صغر سنها إلا إنه عينها بمنصبين كبيرين في حكومته، وهما وزيرة لشؤون المرأة ثم وزيرة البيئة وذلك عام 1994 وحتى عام 1998، عندما لعب القدر لصالح أنجيلا، فكما يقال مصائب قوم عند قوم فوائد، استفادت أنجيلا من فضائح التبرعات التي انتشرت في الوسط السياسي عن حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، ما دفع معلمها هلموت كول للانسحاب، وعزوف معظم السياسين عن ترأس الحزب، وكأن رئاسة الحزب تنتظرها، وبالفعل ترأست أنجيلا الحزب بالرغم من كونها بروتستانتية، إلا إن ذلك لم يشكل مانعًا بالنسبة لها أن تترأس حزب كاثوليكي، كما نجحت أنجيلا أن تمحو هذه الفضيحة من أذهان الإعلام.
ثم أول امرأة تصل إلى منصب المستشارية في ألمانيا…
بعد صراع طويل مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي الذي يترأسه غيرهارد شرودر، حققت أنجيلا نجاح آخر واستطاعت التوصل لاتفاق ينص على تشكيل حكومة ائتلاف تترأسها هي، لتصبح بذلك أول مستشارة لألمانيا، وأيضًا أول مستشار لجمهورية ألمانيا الاتحادية من شرق ألمانيا، ونجحت أنجيلا في كسب الجميع لصالحها، بفضل الإصلاحات التي قامت بها، والتي طالت كافة الجوانب كالاقتصاد والقوى العاملة والاستثمار وغيرها الكثير.
امرأة المستحيل ليست سعيدة!
في استفتاء غريب من نوعه، قامت إحدى الصحف الألمانية خلال الفترة الأولى لحكم أنجيلا، بسؤال القراء؛ هل يعتقدون أن أنجيلا سعيدة في حياتها الشخصية أم لا، فجاءت النتيجة صادمة وهى أن النسبة الأكبر تعتقد أنها غير سعيدة في حياتها، وهذا ما يجعلنا نعيد التفكير في الانطباعات التي نتركها لدى الأخرين!
بالنسبة لي لم أستغرب النتيجة، فأنا أعتقد إنها غير سعيدة بالفعل، ولا أعلم حقيقة السبب وراء هذا الشعور، ربما لأن الجوانب الخفية في حياتها الشخصية تبدو أكثر مما نعرفه هنا؟ حقيقة لا أعلم…
أيًا كان السبب، ماذا تعتقد أنت؟
0 comments:
Post a Comment