نسبة كبيرة من الذين يخافون من الاختلاط بالناس، وحضور الحفلات الاجتماعيّة والنوادي وغيرها من الاجتماعات التي يحضر فيها عدد كبير من الأشخاص، هم أولئك الذين يَجهلون كيفيّة التواصل المُثلى مع الناس!
فتجدهم لا يُحاولون تعلّم هذه المهارات والتدرّب عليها، بل يُفضلون الانعزال والابتعاد عن المُجتمع وعن تجمّعات الناس بالرغم من أهميتها الطارئة في بعض الأوقات!
أعلم أن الجميع لديه جزء خجول، جزء مُتردد، جزء يجعله يكره الانخراط في أحاديث مع الناس بشكل مُبالغ به، وقد يكون الحق في صف هؤلاء وبجانبهم، لكن أن يصل الأمر لدرجة تقرب من ضعف التواصل الاجتماعي وربما مرض التوحد! فهو بحد ذاته كارثة حقيقيّة!
لأجل ذلك إليكم هذا المقال المُوجز، الذي سيعطيك أربع خطوات سريعة ستستطيع من خلالها تقوية علاقاتك الاجتماعيّة مع الناس من حولك، خصوصاً عن طريق فتح المحادثات مع الأشخاص الغرباء الذين قد تراهم لأول مرة.
1/ اِبدأ فوراً بالتحيّة
الصمت جميل وبليغ، لكن عندما تقف أمام أحد وتبدأ بمصافحته وتكتفي بالصمت دون أن تنطق أي حرف أو كلمة فالصمت يتحوّل تلقائياً من كونه بلاغة، إلى بلاهة تدل على اختلال في نظام التواصل الاجتماعي لديك!
من الأخطاء التي تُرتكب أثناء التواصل مع الناس ولا سيما الغرباء منهم، خسارة اللحظة الأولى من الموقف ولا سيما أنها هي اللحظة الأهم! فخسارتها تُشكل ضربة في الصميم لكل اللقاء ولكل المحادثة وللجمهور المُشاهد حتى!
لا تنتظر إلى أن تذهب إليه – أو إليها – وتقف أمامها ومن ثمّ تأخذ نفساً عميقاً وتبلع لعابك وتلملم شتات أنفاسك ومن ثم تقول مرحباً! صدقني ستكون قد فوّت لحظة البداية وهي (لحظة الانفعال العفوي) الرئيسيّة للموقف بأكمله، ومن بعد تفويتها ستخسر اللقاء بأكمله.
تقدّم مُباشرةً واجعل التحية فورية، قوية وحازمة، بدون تفكير، وبدون تحضير مُسبق للشكل والحركات والأنفاس! لا تترك مجالاً لهذه الأمور أن تشغل عقلك فتفعلها بحجة التحضير للكلام لكنك عمليّاً تختبأ خلفها لكي تُطيل موعد الكلام لأقصى فترة مُمكنة!
ابدأ مُحادثتك فوراً وبشكل عفوي، فالتحية وكلمة صباح الخير لا تحتاج إلى تفكير صدقني!
2/ تكلّم مع مجموعات عشوائيّة من الناس
مُعظمنا لا يخاف من الناس الذين يأكلون ويشربون ويمشون على أقدامهم بسبب كونهم أناس مثلنا، بقدر الخوف الذي ينبع من كونهم مجهول بالنسبة لنا! نخافهم ليس لأنهم بشر يشبهوننا، بل لأننا لا نعرفهم ونجهل من هم أصلاً!
تأكّد من ذلك من خلال مُراقبتك لمجموعة أصدقائك الخمس أو الست، ستجد أنك أثناء تواجدهم لا تخجل أبداً وتفتح أحاديثك بكل سهولة وسلاسة! ولربما يكونون بالنسبة لك أقرب من أبيك وأمك حتى! لكن مهلاً لماذا لا تخجل منهم؟ لماذا لا تهرب من محادثاتهم؟
الجواب هو أنهم غير مجهولين بالنسبة لك!
ومتى ينتهي الخوف من المجهول؟ الجواب بشكل واضح، عندما تتعرّف عليه.
لكي تتعرّف على المجهولين من الناس عوّد نفسك على التكلم مع مجموعات عشوائيّة منهم، أشخاص لا تعرفهم قل لهم صباح الخير وأنت في طريقك للعمل! أو مرحباً، أو أي كلمة بسيطة عفويّة تظهر على لسانك في ذلك الموقف.
انخرط بشكل زائد مع التجمّعات البشريّة التي تراها يوميّاً، وعوّد نفسك على محاولة محو علامة المجهول من عليها لكي تصبح أمر لطيف وسهل بالنسبة لك.
الأمر صعب في بدايته، لكن مع المُمارسة كل شيء يصبح أسهل!
3/ مهّد لحديثك بكلمات وجيزة
شخص مكروه بالنسبة للجميع هو ذلك الذي يكثر في كلامه ويُطيل في حديثه خصوصاً إن لم يكن هناك علاقة وطيدة معه! فيكون في نفسك – أثناء كلامه – شخص يهمس لك باستمرار قائلاً، من هذا الأخرق اللعين الذي يتكلم معي وكأنه صديقي من أيام الطفولة!
لتجنب ذلك، عوّد نفسك على الكلام الوجيز مع الناس، ولا سيما في بداية تعرّفك إليهم، لا داعي أن يكون أول لقاء لك مع أحدهم هو الأخير بالنسبة له! بسبب إسهابك الشديد في الكلام عن تلك الفتاة التي أحببتها والتي ستموت لو لم تصل إليها، أو أي أمر يخص دائرتك الضيقة لكنك كلّمت به مَن تعرفت إليه قبل ثواني!
ربما تعتقد أن فعل ذلك قد يجعله يثق بك كونك كلمته عن أمورك الخاصة من أول لقاء به، لكن تأكد أن الذين يبالغون في كلامهم ومديحهم واطراءهم الزائد لمن يقابلونهم ولا سيما في أول لقاء يُثيرون الخوف والقلق لدى الطرف الآخر وتبدأ الشكوك بالتحرك تجاهك!
كُن عفوياً في كلامك، ولا تُكثر الكلام عن أمور غبيّة لا يُبالِ بها أحد!
4/ اسألهم عن أنفسهم
من الأمور التي تُثير الألفة بين الطرفين والتي قد تجعلهم يقعون في علاقة حب معك وشعور بالسعادة كلما كانوا في حديث أنت أحد اطرافه، سؤالك عن أحوالهم وأخبارهم.
الناس يكرهون الإنسان النرجسي، الذي لا يكتفِ بالحديث عن نفسه وعن إنجازاته وعن أمراضه وعن بطولاته وعن مُغامراته، وقد يتفاقم الأمر أكثر لكي يتصل بك الساعة الثانية بعد منتصف الليل ليقول لك، كم أنت محظوظ يا صديقي كونك تملك صديقاً رائعاً هو أنا!
لا تتحدث مع أحد وتسهب في الكلام عن نفسك! اسأل عن أحوال وأخبار من تُحادثه واطمئن عليه، استفسر عن حال يده المكسورة، وعن وضع ابيه الذي دخل المستشفى، وعن أمور جامعته وكيف هي دراسته!
تعاطف مع عواطفه، افرح لأفراحه واحترم احزانه!
ليس مع الغريب فقط، بل القريب حتى. اسألهم عن أنفسهم وُكن قريباً منهم.
الآن يُمكننا أن نلخّص مشهد الحديث لأوّل مرة مع غريب بالشكل التالي البسيط، مُجرّد أن تراه وتقف أمامه اقذفه مُباشرةً بالتحية بشكل عفوي وبدون أي تردد وتخطيط! لا تنتظر لكي تضبط وضعك لأفضل حال، لأنك صدقني ستخسر لحظة البداية، لحظة الانفعال الأهم! ومن بعدها لا بأس من بضع كلمات وجيزة لا تُثير بها القلق ولا تحرك في نفسه الريبة!
اسأله عن نفسه، عن أحوال وأخباره، وتكلم عن نفسك بشكل وجيز مُختصر، لكن رجاءً لا تبكي وتنوح وتلطم أمامه! العملية بأكملها تحتاج لتدريب ومُمارسة ولعل انخراطك بشكل يومي مُستمر مع تجمّعات من الناس هو السبيل الأمثل والأسرع لتحقيق هذا الأمر بشكل فعال.
0 comments:
Post a Comment