تمتلئ الحياة بالمطبات والمصاعب التي قد تواجهنا في أي لحظة، بعضها نكون سبباً مباشراً في حدوثه أو نتيجة قرار اتخذناه فكان علينا تحمل تبعاته وبعضها الآخر أقدار مكتوبة علينا لا يد لنا فيها، وفي كلتا الحالتين نحن بحاجة إلى تجاوزها والصمود بقوة أمامها مهما كانت صعبة وإيجاد الحلول للتغلب عليها، لكن الإصرار والرغبة العميقة في الوصول إلى هدفنا تجعل من أي عائق أو صعوبة تواجهنا مجرد منعطف صغير في الحياة يزيد إصرارنا ورغبتنا في العمل وبذل الجهود مهما كانت كبيرة.
حازم عبد الخالق شاب مصري واجه الخيار الأصعب في حياته حين صدر قرار فصله من الجامعة الألمانية في القاهرة بسبب موقف اتخذه لدعم طلاب الجامعة وكان رئيس الهيئة الطلابية في ذلك الوقت، فكلفه هذا الموقف غالياً وهو الفصل من جميع جامعات مصر وكان أمام خيارين اثنين إما السفر أو ترك الدراسة نهائياً، ومن الواضح أنه لم يفكر كثيراً، فرغبته بالتحصيل العلمي أقوى من أي ظرف يمكن أن يواجهه… فقام بالتقديم إلى جامعة ألمانية واستطاع الحصول على القبول والتأشيرة واللحاق بالعام الدراسي من بدايته ليلتحق بالجامعة ويبدأ رحلته الجديدة التي لم يكن قد خطط لها من قبل.
تغيير المخططات بشكل جذري وبسرعة ليس بالأمر السهل من الناحية النفسية، والمرء دائماً يحتاج إلى الكثير من الوقت كي يستطيع التأقلم مع الظروف الجديدة ومسايرتها، ورغم سرعة استجابته للتغيير وعبور أول مطب واتخاذ قرار السفر بصعوبة، ثم الالتحاق بجامعة أفضل من تلك التي تركها، لكنه وجد نفسه بحاجة للكثير من التعب والعمل كي يكون قادراً على اللحاق بأترابه من الجامعة والتخرج معهم، فقضى إحدى عشر شهراً وهو يدرس ويتابع المحاضرات والمشاريع إضافة إلى تجاوز حاجز اللغة الذي كان عائقاً إضافياً وتجاوز حالة الغربة والاكتئاب الذي يصاحب المغترب في بداية سفره وبُعده عن أهله و وطنه.
استطاع تحصيل 93 ساعة جامعية خلال تلك المدة وهي ما يقوم الطالب العادي بتحصيله خلال سنة ونصف، والآن بعد سنتين، تخرج حازم من الجامعة من قسم الهندسة الفيزيائية (Engineering Physics) بتخصص طاقة متجددة (Renewable Energy) بتقدير عام امتياز ومشروع تخرج امتياز، وتم قبوله في برنامج للماجستير في هندسة الطاقة المتجددة في واحدة من أفضل الجامعات الأوروبية في ألمانيا.
ليست كل المصائب يمكن أن تمنعنا عن الوصول إلى أحلامنا، ولكن ليس كل شخص يمكن أن تجاوزها ويتحمل الصعاب النفسية والمعنوية مقابل تحقيق هدفه، فالكثير من الأشخاص يستسلم عند أول عائق يقف في طريقه ويترك أهدافه وينساق وراء القطيع ولا يصحو إلى نفسه إلا بعد سنوات طويلة يكون قد خسر فيها عمره وقدرته على الحلم…
حازم احتفظ بقرار فصله من الجامعة طوال هذه المدة وكان يضعه أمامه، وأعتقد أن هذا كان يحفزه كلما بردت همته وتراجع في دراسته، كي يتذكر دائماً أن بعض الأمور مهما كانت صعبة ربما كانت تفتح أمامنا فرصاً كبيرة أفضل من تلك التي فقدناها، المهم هو ألا نستسلم للمصاعب ونتركها تهزمنا بل نتجاوزها بكل ثقة وما نملكه من إمكانيات، وكل منا يملك فرصاً كثيرة وإمكانيات هائلة.
وهذا هو منشور حازم وهو يسرد قصة نجاحه بنفسه والتي لاقت ردود أفعال إيجابية واسعة وألهمت العديد من الناس…
كم واحد منا قادر على وضع خيباته التي مر بها في كافة جوانب حياته أمام عينيه والنظر إليها طوال الوقت وجعلها حافزاً له بدلاً من أن تكون ذكرى سيئة ثقيلة يحملها على ظهره أينما ذهب وتجعل حياته أصعب وأكثر بؤساً وتزداد الهموم والمشاكل التي تتراكم بعضها فوق بعض وتثقل كاهله! ليسوا كثيرون أولئك الذين يتجاوزون الصعاب… حازم كان واحداً منهم…
0 comments:
Post a Comment